PKK وKCK والأمة الديمقراطية
19 مارس 2014 چهارشن
الشرطَ الأولَ والأعتى من أجلِ التحولِ إلى وجود، هو قيامُ أرضِ كردستان الأمِّ بولادةٍ نبيلةٍ من صُلبِها، وبإرادتِها الحرةِ
عبد الله أوجلان
تُعَدُّ سنةُ 2003 بدايةَ المرحلةِ التي أعلَنَ فيها كلٌّ من PKK وKCK عن نفسَيهما رسمياً ضمن إطارِ نظريةِ العصرانيةِ الديمقراطية. وبمقدورِنا نعتُ ذلك أيضاً بمرحلةِ الولادةِ الكبرى الثالثة. فالولادةُ الكبرى الأولى تُعَبِّرُ عن ولادةِ كينونةِ المجتمعِ القوميِّ ذهنياً من بين أحشاءِ الأيديولوجيا الثوريةِ العالمية. حيث يجري تناوُلُ هويةِ المجتمعِ القوميِّ أساساً من الناحيةِ الذهنية، ويتمُّ تصوُّرُه والتخطيطُ له كولادةٍ ذهنية، سواء تحققَ أم لَم يتحقق. كما يتمُّ اعتمادُ الكردايتيةِ أساساً على صعيدِ المبدأ، مع استعارِ النقاشِ الكثيفِ حول ماهيةِ الكردايتيةِ القائمةِ في الوسط. هذا ويُعالَجُ الوجودُ الكرديُّ تاريخاً ومكاناً، ولو بنحوٍ متقطعٍ متناثر. ويدورُ الجدلُ بأعمِّ المعلوماتِ حول ماهيةِ ذاك المجتمع، وطنِه، لغتِه، حدودِه، تجزُّؤِه، ومدى تخلُّفِه أو عصريتِه.
لَم تتجاوزْ المجموعةُ النواةُ القائمةُ بالنقاشِ عددَ أصابعِ اليدَين في سنواتِها الأولى. لذا، تتركزُ أهميتُها في النوعية، لا الكمية. وتكتسبُ حقيقةُ الواقعِ المُعمَلِ على إبرازِه للمَلأ، والصياغةُ الصائبةُ لها بأهميةٍ ملحوظة. فالفترةُ الممتدةُ ما بين 1973 1979 بوصفِها فترةَ الخروجِ من أنقرة والتوسعِ في كردستان، يتمثلُ فحواها أساساً في التعبيرِ عن هذا الواقع، وفي إضفاءِ المعنى عليه باعتبارِه الحقيقةَ الكرديةَ الجديدة. وPKK هو اسمُ هذه الحقيقةِ الجديدة. الشهيدُ العظيمُ لهذه الفترةِ هو حقي قرار. ولَم يتعَدَّ تعدادُ الشهداءِ آنذاك أصابعَ اليدِ الواحدة. أما المرحلةُ الممتدةُ من 1980 إلى 2005، فهي في واقعِ الأمرِ تعبيرٌ عن التحولِ من الظاهرةِ الكرديةِ بوصفِها موضوعاً شيئانياً إلى المجتمعِ القوميِّ الكرديِّ الواعي والمُنَظَّمِ والمقاتل، وبالتالي المتحررِ والصائرِ ذاتاً فاعلة. أي إنّ ما يَسري هنا هو الانتقالُ من الكردايتيةِ الموضوعانيةِ الشيئيةِ إلى الكردايتيةِ الحرةِ الصائرةِ ذاتاً فاعلة. وبوسعِنا وصفُ ذلك أيضاً بالعبورِ من كردايتيةِ العبوديةِ والجثةِ الهامدةِ التي أكلَ عليها الدهرُ وشرب، صوب الكردايتيةِ الحرةِ والمنتعشةِ من جديد.
موضوعُ الحديثِ هنا ليس ولادةً اسميةً وذهنيةً لمجموعةٍ صغيرة، بل هو تحوُّلُ شعبٍ يتجاوزُ الملايين نسمةً من حالةِ الموضوعِ الشيءِ والماضي العبوديّ، إلى حقيقةِ شعبٍ يعبِّرُ عن نفسِه بحرية، وينظِّمُ ذاتَه ويَسُوقُها على مسارِ الممارسةِ العمليةِ والحرب. وبصورةٍ نموذجية، بمقدورِنا تسميةُ هذا بإعادةِ التكوينِ في هيئةِ شعبٍ عصريٍّ (حديث) أو مجتمعِ أمةٍ ديمقراطية. وأولُ أسماءِ فترةِ النشوء: "قوات تحرير كردستان HRK" (Hêzên Rizgariya Kurdistan)، و"جبهة التحرير الوطنية الكردستانية ERNK" (Eniya Rizgariya Netewa Kurdistan)؛ والتي لها شهداؤُها البَرَرةُ والعِظامُ الذين يناهزُ تعدادُهم الثلاثين ألفاً، بل هم كُثُرٌ لدرجةٍ لا تُعَدُّ ولا تحصى من المُضَحّين بحياتِهم في سبيلِ الإنسانيةِ قاطبة، وليس في سبيلِ الكردِ والأتراكِ فحسب. كما لها مئاتُ الآلافِ من كوادرِها وأبناءِ شعبِها ومُناصِريها المُعَرَّضين للتعذيبِ والتنكيل، ومعتَقَلوها الذين يضارعون عشراتِ الآلافِ في أروقةِ السجون. إضافةً إلى النازحين والمُهَجَّرين الذين يَفوقُ عددُهم الملايين بأضعافٍ مضاعفة. وهكذا تمَّ بلوغُ حقيقةِ الحربِ المحاربِ والمقاتلِ تحت ظلِّ هذه الظروف. وبسببِ الإنكارِ والإبادةِ المُعاشَين ماضياً، والبالغَين حدَّ الإبادةِ الجماعيةِ في كنفِ الحداثةِ الرأسمالية؛ فما يَسري هنا هو نشوءُ شعبٍ وطنيٍّ أو مجتمعُ أمةٍ ديمقراطيةٍ تتميزُ بِجُلِّ خَوَنَتِها وغَدّاريها ومتواطئيها وسَفّاحيها، ولكنها بالمقابلِ تتسمُ بالزخمِ الوفيرِ من مقاوِميها وشهدائِها وأبطالِها البواسلِ المتصدّين لذلك.
ينبعُ الفارقُ المُعاشُ في عامِ 2005 والأعوامِ التي أَعقَبَته، من التجسُّدِ في هويةٍ جوهريةٍ جديدةٍ متأتيةٍ من النشوء، واكتسابِ طابعِ الوجودِ الثابتِ والراسخ، والإصرارِ على الحياةِ الحرة. أي أنّ ما حدثَ في أعقابِ مرحلةٍ أليمةٍ للغايةِ كمرحلةِ الولادةِ والنشوء، هو توخي الحيطةِ والحساسيةِ نفسِها المتَّبَعةِ أثناء عمليةِ الولادةِ الموفَّقة، وتحصينُ الكيانِ بالدفاعِ الذاتيّ، ورعايتُه وتنشئتُه بالأغذيةِ غيرِ السامةِ مثلما يُربّى المولودُ تماماً، كي يستطيعَ التعبيرَ بحريةٍ عن ذاتِه، والعيشَ مختلفاً. بمعنى آخر، فالمشاكلُ لَم تَعُدْ مشاكلَ الولادةِ والنشوء. بل غدَت قضايا الهويةِ الذاتيةِ والحياةِ الحرة، والتي تتأتى من مشاكلِ التنشئةِ والحمايةِ والاختلاف. فالولادةُ الذهنيةُ قد تركَت محلَّها للولادةِ البدنية، ومن ثم للتحولِ إلى أعضاءٍ مختلفةٍ ومتمايزة. لكنّ الولادةَ والتكونَ منفتحان على كافةِ أمراضِ مرحلةِ الحضانةِ والطفولة. بالتالي، ثمة حاجةٌ ماسةٌ لجهودٍ تقتضي المهارةَ والكفاءةَ البالغتَين كي لا يموتَ الوليد. كما وتمرُّ الولادةُ الذهنيةُ التي تَسبقُها بمخاضاتٍ حادة. إنّ الأمرَ أَشبَهُ ما يَكُونُ بالحفاظِ على النشوءِ (الجنين) المزروعِ في رحمِ الأمِّ سليماً ونبيلاً، وبتحقيقِه بأسلوبٍ بعيدٍ عن الزنا والسِّفاح. وهذا غيرُ واردٍ إلا قيامُ الحملةِ الأيديولوجيةِ بصياغةِ تعبيرٍ سليمٍ للظاهرةِ الاجتماعيةِ الكردية، أي أنْ تَكُونَ حقيقتَها.
ينبغي عدم التغافلِ عن أنّ الشرطَ الأولَ والأعتى من أجلِ التحولِ إلى وجود، هو قيامُ أرضِ كردستان الأمِّ بولادةٍ نبيلةٍ من صُلبِها، وبإرادتِها الحرةِ دون اغتصابٍ أو اعتداء؛ وتَجَسُّدُ تلك الولادةِ في هيئةِ شعبٍ حرّ، بعدَما احتدمَ الصراعُ والتعاركُ عليها، وتمّ خوضُ الحروبِ والمعاركِ في سبيلِها طيلةَ آلافِ السنين. أما المرحلةُ الثالثة، فتُعَبِّرُ عن تحوُّلِ التكوينِ المذكورِ إلى وجودٍ قائمٍ بذاتِه، وإلى كيانٍ نالَ هويتَه ويتمتعُ بحريتِه. أي أنّ الظاهرةَ المتكونةَ حديثاً، ليست الوجودَ القديمَ المألوف، ولا تجريداً لذاك القديمِ من كينونتِه، ولا موضوعاً شيئانياً مقطَّعاً ومُبتَلَعاً منه. فالكردايتيةُ القديمةُ كانت موجودةً كموضوعٍ شيئانيٍّ وحسب. وكانت كلُّ قوةٍ فاتحةٍ وغازيةٍ ومحتلةٍ ومستعمِرةٍ ومبيدة، قادرةً على تطبيقِ شتى أنواعِ الممارساتِ والإبادةِ والصهرِ والإذابةِ عليها كما تشاء. أي إنها كانت أداةً للاستخدامِ والاستثمار. بينما ذاتانيتُها العامةُ وهويتُها الذاتيةُ كانتا لَم تتطورا، أو أنهما أُحجِمَتا عن التطور. كما كانت في منأى عن القدرةِ على التعبيرِ عن نفسِها وحمايةِ ذاتِها. وكأنها كانت بقرةً تنتظرُ الحَلب، أو جيفةً هامدةً متروكةً للغربان. بالتالي، ما كان ممكناً من الناحيةِ الاجتماعيةِ نعتُ هذا الواقعِ بالوجود. بل كان بالمستطاعِ اعتبارُها بالأغلب موضوعاً شيئانياً يُعمَلُ على إخراجِه من كينونتِه، وتجريدِه من هويتِه الذاتية.
إنّ الكردَ وكردستان لِما بعدَ أعوامِ الألفَين قد خرجوا من كونِهم موضوعاً شيئانياً، وباتوا وجوداً في هيئةِ رُشَيمٍ حَقَّقَ ولادتَه بنجاحٍ موفَّقٍ في غضونِ السنواتِ الثلاثين الأخيرة. موضوعُ الحديثِ هنا هو هويةٌ كرديةٌ تتمتعُ بحياةٍ حرة، وقادرةٌ على التعبيرِ عن واقعِها، وبسطِه كحقيقة، والدفاعِ عنه. وما لا شكّ فيه، هو أنّ هذا الواقعَ أو الحقيقةَ لَم يُعَبِّرْ عن نفسِه في صورةِ دولةٍ قومية. بل تخلى عن طموحِه الذي كان يسيرُ في هذه الوجهةِ في البداية. أو بالأصح، فقد وقفَ على مسافةٍ من هذا الواقعِ الذي ظنّ أنه الاشتراكية، ولكنْ تجلّى بعد انهيارِ الاشتراكيةِ المشيدةِ بشكلٍ خاصٍّ أنه ليس باشتراكية، بل هو الرأسمالية. وميَّزَ بين الدولتيةِ القوميةِ المحفوفةِ بالغموضِ منذ البداية، وبين المجتمعيةِ الديمقراطيةِ التي جرى التفكيرُ فيها بالتداخلِ مع الأولى. وبينما تخلى عن الدولتيةِ القومية، فقد صبَّ كلَّ تركيزِه ومقدرتِه على المجتمعِ الديمقراطيّ. وهكذا، لَم يَعُدْ المجتمعُ الديمقراطيُّ الوطنيُّ مجردَ خيالٍ أو يوتوبيا، بل أمسى واقعاً مُعاشاً بحرية. ورغمَ تواجدِ بعضِ المشاكلِ التي يعاني منها الواقعُ الجديد، إلا إنها ليست إشكالياتٍ تنبعُ من حالةِ الرشيمِ أو عمليةِ الولادةِ أو النشوء، بل هي مشاكلٌ تأتي من تحوُّلِ التكوينِ إلى وجودٍ للهويةِ والحياةِ الحرة. وإذ ما ثابرنا على التشبيهِ المجازيّ، فقد باتَ فتاةً شابةً ويافعةً تخطّت مرحلةَ الطفولة، وأصبحت قادرةً على الوقوفِ على رجلَيها اعتماداً على قواها الذاتية. أي إنّ المشاكلَ كانت تتأتى من المرورِ بمرحلةِ الشبيبةِ والأنوثةِ اليافعة. وكانت قضايا الحياةِ الحرةِ قد اكتسبَت أهميةً كبيرةً في هذه المرحلةِ على وجهِ التخصيص. وكان وارداً الإصابةُ بالانتكاسِ وانهمارِ أمراضِ الكردايتيةِ القديمةِ في كلِّ لحظة، في حالِ عدمِ توخي الدقةِ والحيطة. حيث كان بمقدورِ الخياناتِ الداخليةِ والخارجيةِ والأزلامِ المتواطئين أنْ يهددوا وجودَ الكيانِ الجديدِ وهويتِه الحرةِ بشكلٍ أفتك وأنكى مما كانوا عليه سابقاً. أما عناصرُ الحداثةِ الرأسماليةِ والهرميةِ القديمةِ التي تستمرُّ بوجودِها في جوارِه، فكان بإمكانِها تقطيعُ أوصالِ هذا الكيانِ الطريِّ واقتسامِه فيما بينها. أو بالأحرى، ربما كانت تودُّ المواظبةَ على استغلالِ ونهشِ والتهامِ هذا الكيان، الذي اعتَقَدَت بعقليتِها القديمةِ أنه مُلكٌ لها ورَهنُ تصرفها، دون التمييزِ بين قديمٍ وجديدٍ فيه. لقد كانت القضايا متعددةَ المناحي، وتنبعُ من تلك الصُّعُدِ جمعاء.
وسواء نبعَت من الحداثةِ الرأسماليةِ والمدنيةِ القديمة، أم من الحياةِ ذاتِ الهويةِ الحرة؛ فالقضايا المُعاشةُ أشمَلُ نطاقاً وأكثرُ اختلافاً عما هي عليه القضايا القديمة. بالتالي، فأساليبُ وأدواتُ الحلِّ أيضاً ستَكُونُ مختلفة. إذ ما كان بالإمكانِ العودةُ إلى ما كان عليه الكرد وكردستان قديماً، ولا النضالُ كما في الماضي القريبِ على غِرارِ "القوميين" وPKK وHRK وERNK بل والعدوُّ أيضاً لَم يَعُدْ كما كان عليه. حيث كان طرأَ عليه التحول، فباتَ قادراً على الاعترافِ بالكردِ وكردستان، ولو بخجلٍ ولدرجةٍ لا تبعثُ كثيراً على الثقة؛ وأمسى لا يرفضُ الهويةَ الكرديةَ الحرةِ بموقفٍ شموليٍّ جذريّ. واضحٌ جلياً أنّ كلَّ هذه التحولاتِ التاريخيةِ الاجتماعيةِ تستلزمُ تعريفاً جديداً للكردايتيةِ الجديدةِ وPKK، وتتطلبُ مصطلحاتٍ ونظرياتٍ معنيةً بالنظامِ الجديد. لذا، سنعملُ على صياغةِ تعريفٍ جديدٍ لـPKK والكردايتيةِ الجديدة، وعلى طرحِ مصطلحاتِ ونظرياتِ النظامِ الجديدِ على هدى ذلك.
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 37
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 38
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 39
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 40
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 41
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 42
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 37
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 38
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 39
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 40
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 41
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 42
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 37
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 38
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 39
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 40
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 41
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 42